توته توت الثلاثاء يوليو 05, 2011 9:36 amالنخلة والبحر
كان لجدي نخلة .. زرعها وسقاها من عرق جبينه حتى نمت وترعرعت فأصبحت ذو جذور ممتدة وجذع صلب .. يافعة قوية .. وكان بجنب النخلة بحر عميق وطويل ممتد .. كان جدي يغوص في أعماقه ويخرج اللؤلؤ منه .. كان جدي يعلّم الأجيال حب النخلة والبحر حتى عشقوا النخلة والبحر معاً وصارت تلك النخلة و ذلك البحر هما حياتهم التي يحيون من أجلها كي يحافظوا على شموخ نخلتهم وبريق لؤلؤهم .. مرت الأيام وكبر الأولاد والأحفاد والنخلة المعطاء مازالت شامخة واللؤلؤ البرّاق يسعد لأنه بين أيديهم حتى ذلك اليوم المشؤوم.
والناس في أمان .. وفي غفلتهم نيام .. هجم المارد الخواّن ليستولي على الأمان والزمان في ذلك المكان ويقيد نخلة الخير ويسرق بريق اللؤلؤ ويتربع فرعون على رقاب الأنام .. فقاومه جدي وقال له اذهب عن أرضي .. فضحك المارد هازئا هذا مُلكي يا إنسان.
لم يهدأ جدي في نومه ولم يهنأ في عيشه حتى يرجع الأمان إلى ذاك المكان كما كان في سالف الزمان .. ويرجع النخلة الشامخة واللؤلؤ الناصع .. فقاوم جدي مقاومة الأبطال حتى قتله المارد بالحيلة والمكر وقطع الأرزاق والأذقان ولكن جدي قبل الرحيل عن عالم الأطماع أوصى الأولاد والأحفاد على إرجاع النخلة والبحر فهم ميراثهم الشرعي الذي من أجله يحيون .. ويكدون ويتعبون .. ولا يحتاجون من يقايضهم على عشقهم الروحي للنخلة والبحر فهم من يعرفون كيف يحافظون عليهم ويعرفون كيف يسيرون أمورهم فهذا شأنهم وديدنهم الذي تأصلوا عليه.
تهجّم المارد على الأولاد وقال لهم هذا ملكي ولا أحد يأخذه مني وانا الآن السلطان .. ولأن الأولاد عشقوا نخلتهم وعشقوا بحرهم .. لم يريدوا أن يحرمهم ذلك الفرعون منهم ولأنهم بسطاء ومسالمون ولا يحبون الخراب والدمار دخلوا في هدنة سلام مع المارد الجبار .. ومرت السنوات ليجد الأبناء إن النخلة بدأت تذبل والبحر بدأ يتلاشى وعشقهم قد شوهه السلطان بمردة الأنس والجن فهم بعدما كانوا في سلام آمنين .. وبالخيرات ناعمين .. أصبحوا بالقهر جاثمين وبالضيم مقبوعين .. ومن نخلتهم وبحرهم محرومين .. فثارت قلوبهم وتألموا على حالهم .. فواجهوا ظلم المارد بكل قوة وطالبوا بنخلتهم وبحرهم .. فلم يجدوا سوى القتل والسجن والظلم أكثر .. ففكروا في حل لتلك المسألة وقالوا لابد لنا في هذا الموضوع من حلحلة .. ولأنهم ذو عقول راجحة طلبوا الحوار مع المارد الطاغي لربما تنحل المعضلة.
ولكن الخائن خائن والطاغي والمتجبر لا يمكن أن يكون صادقا في ليلة وضحاها فبعد الوعود الكاذبة والصرخات الصامتة بحل تلك المعضلة .. رأى الأحفاد إن نخلتهم بدأت تذبل أكثر وبدأ الشوك يتكاثر من حولها ولا أحد يهتم بها ورأوا بحرهم قد أصبح شبه موجود فالسلطان قد طوق المكان ونهب ما كان قد تبقى للأنام البسطاء الطيبون ويرميهم بفتات الخير إن ضجوا كي يسكتهم .. وبدأت أجناس غريبة عليهم تخالطهم وتأخذ اللقمة من أفواههم حتى سئموا الحياة .. ولكن هذه نخلتهم وما تبقى من فتات البحر أيضا بحرهم وجدهم من زرع النخلة وغاص في البحر وهم أحق من هؤلاء المردة.
ولأن الأحفاد من أصل هذه الأرض وطيبتهم مأخوذة من عشقهم للنخلة والبحر ولأنهم أوعى من أن يدمروا ما بناه جدهم .. قرروا أن يطالبوا باسترجاع ما تبقى من خيراتهم فهم أحق به .. ولأنهم لا يحبون سفك الدماء قرروا أن يتحدوا ويعلنوا الصرخة عند النخلة واللؤلؤ .. ولأن رجوع النخلة إلى شموخها ورجوع اللؤلؤ إلى بريقه يحتاج أن يضحي الجميع من الأحفاد .. قرروا أن يقدموا القرابين لهذه الأرض ويعلنوها صرخة في وجه المارد الخوان " دمنا وما نملك فداء للأوطان".
فاطمة حسن
26 فبراير 2011
كان لجدي نخلة .. زرعها وسقاها من عرق جبينه حتى نمت وترعرعت فأصبحت ذو جذور ممتدة وجذع صلب .. يافعة قوية .. وكان بجنب النخلة بحر عميق وطويل ممتد .. كان جدي يغوص في أعماقه ويخرج اللؤلؤ منه .. كان جدي يعلّم الأجيال حب النخلة والبحر حتى عشقوا النخلة والبحر معاً وصارت تلك النخلة و ذلك البحر هما حياتهم التي يحيون من أجلها كي يحافظوا على شموخ نخلتهم وبريق لؤلؤهم .. مرت الأيام وكبر الأولاد والأحفاد والنخلة المعطاء مازالت شامخة واللؤلؤ البرّاق يسعد لأنه بين أيديهم حتى ذلك اليوم المشؤوم.
والناس في أمان .. وفي غفلتهم نيام .. هجم المارد الخواّن ليستولي على الأمان والزمان في ذلك المكان ويقيد نخلة الخير ويسرق بريق اللؤلؤ ويتربع فرعون على رقاب الأنام .. فقاومه جدي وقال له اذهب عن أرضي .. فضحك المارد هازئا هذا مُلكي يا إنسان.
لم يهدأ جدي في نومه ولم يهنأ في عيشه حتى يرجع الأمان إلى ذاك المكان كما كان في سالف الزمان .. ويرجع النخلة الشامخة واللؤلؤ الناصع .. فقاوم جدي مقاومة الأبطال حتى قتله المارد بالحيلة والمكر وقطع الأرزاق والأذقان ولكن جدي قبل الرحيل عن عالم الأطماع أوصى الأولاد والأحفاد على إرجاع النخلة والبحر فهم ميراثهم الشرعي الذي من أجله يحيون .. ويكدون ويتعبون .. ولا يحتاجون من يقايضهم على عشقهم الروحي للنخلة والبحر فهم من يعرفون كيف يحافظون عليهم ويعرفون كيف يسيرون أمورهم فهذا شأنهم وديدنهم الذي تأصلوا عليه.
تهجّم المارد على الأولاد وقال لهم هذا ملكي ولا أحد يأخذه مني وانا الآن السلطان .. ولأن الأولاد عشقوا نخلتهم وعشقوا بحرهم .. لم يريدوا أن يحرمهم ذلك الفرعون منهم ولأنهم بسطاء ومسالمون ولا يحبون الخراب والدمار دخلوا في هدنة سلام مع المارد الجبار .. ومرت السنوات ليجد الأبناء إن النخلة بدأت تذبل والبحر بدأ يتلاشى وعشقهم قد شوهه السلطان بمردة الأنس والجن فهم بعدما كانوا في سلام آمنين .. وبالخيرات ناعمين .. أصبحوا بالقهر جاثمين وبالضيم مقبوعين .. ومن نخلتهم وبحرهم محرومين .. فثارت قلوبهم وتألموا على حالهم .. فواجهوا ظلم المارد بكل قوة وطالبوا بنخلتهم وبحرهم .. فلم يجدوا سوى القتل والسجن والظلم أكثر .. ففكروا في حل لتلك المسألة وقالوا لابد لنا في هذا الموضوع من حلحلة .. ولأنهم ذو عقول راجحة طلبوا الحوار مع المارد الطاغي لربما تنحل المعضلة.
ولكن الخائن خائن والطاغي والمتجبر لا يمكن أن يكون صادقا في ليلة وضحاها فبعد الوعود الكاذبة والصرخات الصامتة بحل تلك المعضلة .. رأى الأحفاد إن نخلتهم بدأت تذبل أكثر وبدأ الشوك يتكاثر من حولها ولا أحد يهتم بها ورأوا بحرهم قد أصبح شبه موجود فالسلطان قد طوق المكان ونهب ما كان قد تبقى للأنام البسطاء الطيبون ويرميهم بفتات الخير إن ضجوا كي يسكتهم .. وبدأت أجناس غريبة عليهم تخالطهم وتأخذ اللقمة من أفواههم حتى سئموا الحياة .. ولكن هذه نخلتهم وما تبقى من فتات البحر أيضا بحرهم وجدهم من زرع النخلة وغاص في البحر وهم أحق من هؤلاء المردة.
ولأن الأحفاد من أصل هذه الأرض وطيبتهم مأخوذة من عشقهم للنخلة والبحر ولأنهم أوعى من أن يدمروا ما بناه جدهم .. قرروا أن يطالبوا باسترجاع ما تبقى من خيراتهم فهم أحق به .. ولأنهم لا يحبون سفك الدماء قرروا أن يتحدوا ويعلنوا الصرخة عند النخلة واللؤلؤ .. ولأن رجوع النخلة إلى شموخها ورجوع اللؤلؤ إلى بريقه يحتاج أن يضحي الجميع من الأحفاد .. قرروا أن يقدموا القرابين لهذه الأرض ويعلنوها صرخة في وجه المارد الخوان " دمنا وما نملك فداء للأوطان".
فاطمة حسن
26 فبراير 2011
